منظومة التّعليم الأساسي اللّيبيّة تضمّ 4200 مدرسة وتؤطّر مليونا و200 ألف تلميذا. تعطّلت 558 مدرسة عن العمل بسبب إلحاق أضرار كبيرة بالمدارس وصل حدّ تدميرها كلّيّا أو استغلالها لإيواء الأسر النّازحة نتيجة استمرار العنف وعدم الاستقرار.
الانقسام السّياسي لم يسهّل تأطير العمليّة التّعليميّة. وزادت الأمور تعقيدا بمجيء حكومة السرّاج لأنّها مدعوّة لتسيير كلّ المؤسّسات التّعليميّة بليبيا في حين أنّها مازالت في بداياتها على أرض الواقع. والحال أنّ حكومتي الشّرق والغرب كانتا تنسّقان أعمالهما في السّابق للتّسهيل على التّلاميذ وحماية المنظومة التّربويّة ولو لم يقرّر رئيس الحكومة الموقتة، عبدالله الثني، تخصيص مبلغ 3.5 ملايين دينارا لوزارة التعليم لتغطية نفقات نقل الكتاب المدرسي لكل مناطق ليبيا لكان مصير انطلاق السّنة الدّراسيّة في ال24 من أكتوبر محلّ احتراز، خاصّة في المنطقة الغربيّة نظرا لعدم توفّر الكتاب المدرسي للتّلاميذ هناك.
وتحاول العائلات اللّيبيّة أن تجهّز أبناءها لهذا الموعد المهمّ رغم الإشكاليّات الّتي تواجهها وخاصّة أزمة السّيولة الّتي تعسّر عمليّة الحصول على الأدوات المدرسيّة. في حين يبذل المشرفون على الهياكل التّعليميّة والمؤسّسات التّربويّة قصارى جهدهم لإعداد المدارس والمعاهد وتوفير إطار التّدريس.
وفي سياق حديثه عن المعوقات الّتي تؤثّر على العمليّة التّعليميّة، يقول عمر التمّام مدير مدرسة خولة بنت الأزور الإعدادية بمنطقة سكرة في سبها، وسط الصّحراء اللّيبيّة: "يلزمني 32 مدرّسا ومدرّسة في الظّروف العاديّة ولكنّنا اشتغلنا السّنة الفارطة ب27 فقط. غير أنّه، إلى حدّ السّاعة، ونحن على بعد أسبوع من افتتاح العام الدّراسي، لم يؤكّد سوى 17 عملهم معنا وأنا بصدد مراجعة المسؤولين لفضّ هذا الإشكال" .
من ناحيته، أكد مسؤول شؤون التربية والتعليم في مدينة الكفرة جنوب شرق البلاد، عبدالله مصطفى إمجيحيد، أن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد سيكون في الموعد المحدد. وأوضح إمجيحيد لأصوات الكثبان أنّه اجتمع بمديري المدارس في الكفرة، وبحث معهم كافة المعوقات التي تواجهها المؤسسات التعليمية وسبل تذليلها لضمان سير العملية التعليمية بكل نجاح. ولخّص الإشكاليّات المطروحة في "سرعة توفير الكتاب المدرسي والنّقص في الإطار التّربوي".
أمّا رئيس المجلس التسييري بوادي جارف، غرب مدينة سرت، يوسف طبيقة، فقد صرّح لأصوات الكثبان أنّه اجتمع بمديري المدارس والمرافق الصحية ومركز الشرطة بالمنطقة ل"معرفة الأضرار التي لحقت بالمؤسسات التعليمية الواقعة بجارف، ومناقشة احتياجات أعضاء هيئة التدريس لكل مؤسسة، ومحاولة تغطية العجز في أغلب المواد العلمية، وحصر الطلاب النازحين من سرت إلى مدارس جارف وعددها سبع مؤسسات تعليمية". وذكر طبيقة أنّ الاجتماع تناول » سبل تذليل المعوقات التي تواجه احتياجات المركزين الصحيين بالمنطقة، خاصة التطعيمات الطبية وأدوية مرض السكري والأمراض المزمنة وضغط الدم والإسعافات الأولية، بالإضافة إلى جانب تكليف دوريات أمنية من عناصر مركز شرطة جارف تأمين المنطقة « .
وإن لم يدمج وزير التعليم المفوض بحكومة الوفاق، محمد العزابي، نفسه في مسألة الكتاب المدرسي نظرا لعدم إمساكه بخيوط اللّعبة فإنّ ذلك لم يمنعه من التّحاور مع مسؤول شؤون التعليم بالمجلس المحلي سرت، مفتاح علي عبد الكافي، والتّطرّق إلى حجم الدمار الذي وقع على المرافق التعليمية في سرت نتيجة الحرب الدائرة في المنطقة والّذي حال دون أداء عديد الطلاب لامتحانات الدور الثاني لشهادتي إتمام مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي في حين أنّ البقيّة أدوها في ضواحي سرت.
وقد شدّد وزير التعليم على ضرورة الإسراع في عملية حصر الأضرار بالمؤسسات التعليمية في المنطقة وإحالتها للوزارة، لتقييم الأضرار وتوفير تغطية مالية لإجراء أعمال صيانة خفيفة وعاجلة، للمرافق المتضررة استعدادًا لانطلاق العام الدراسي الجديد.
منظمة اليونيسف في ليبيا، أبرزت عبر بيان صحفي نشره مركز أنباء الأمم المتحدة وأمضاه ممثلها الخاص غسان خليل، عن قلقها إزاء التأخير الحاصل في بدء العام الدراسي في ليبيا .وجاء في البيان، الذي اطلعت عليه «أصوات الكثبان»: «أدى استمرار العنف وعدم الاستقرار إلى إلحاق الضرر بالمدارس وتدميرها، وأسفر التشرد وعدم توفر الكتب المدرسية عن وقف التعليم لأكثر من 1.2 مليون طفل في ليبيا».
ودعت اليونيسف جميع أطراف في النزاع في ليبيا إلى الاضطلاع بمسؤولياتها وحماية حق الأطفال في التعليم.