وترتكز المبادرة على مبدأ التّناظر بين مجموعات من الشّباب منحدرين من جهات مختلفة، حول عديد من الإشكاليّات الّتي يواجهها المجتمع اللّيبي لإرساء ثقافة الحوار وإرساء الحقّ في الاختلاف. وفي هذا الإطار أطلق نادي الحوار والمناظرة مبادرة بعنوان: "ليكن صوتنا مسموعا" سعيا من الشباب الليبي إلى الدفع باتجاه ثقافة تعزز الحوار بين الأطراف المتشاحنة.
عبد العالي الطاهر عضو اللجنة الإعلامية لمشروع “ليكن صوتنا مسموعاً” قال في حديث عبر الهاتف من مصراتة، إنه “يعتقد أن هذا المشروع لديه طموح في تحقيق نقلة نوعية في التواصل المجتمعي، لما يشكله الحوار من أهمية بالغة الأثر في تغيير ثقافة الآخرين، وتعزيزه لقيام مجتمعات على أساس ديمقراطي يتقبل فيه النقد، ونسعى إلى تبني تطبيق هذا المشروع بكل حماسة والتزام “.
وتحدث الطاهر عن بدايات إطلاق المشروع مذكِّرا أنّ البرنامج عقد العزم على إطلاق المبادرة، عبر تنظيم خمسة ملتقيات يتواصل كلّ منها على مدى أسبوع متواصل، ويتم خلاله تدريب 25 شاباً بهدف تأهيلهم ليكونوا مدربين في المشروع. والغاية من هذا المشروع هي مساهمة الشباب في علاج الشرخ الحاصل في النسيج الاجتماعي الليبي، وخلق نقاط تواصل مباشرة بين الشباب المثقف.
ويتواصل المشروع عمليّا منذ أكثر من سنة حيث حضر إلى مصراتة شباب من الزنتان وتاورغاء والعديد من المدن. كما وقع توسيع نقطة عمل النادي لتشمل مناطق أخرى مثل مدن الزّاوية والخمس وغات وجمعت مئات من الشّباب اللّيبي من أكثر من 35 مدينة تحت قبه واحدة. فقد حضر إلى هذه الملتقيات شباب من مصراتة والزنتان وتاورغاء وغيرها من المدن الّتي توجد بينها حزازات. فالمشروع، وإن كان يهدف إلى تكوين فرق مناظرة تمثل المدن، لاختيار فريق يمثل ليبيا في البطولات الإقليمية والدولية، فإنّه يسعى إلى تقريب الشّباب اللّيبي من بعضه البعض وضمان تعايشه على الميدان.
وقد أثبتت الوقائع أنّ الأمر ليس هيِّنا وأنّ الواقع يضع عوائق غير منتظرة أمام المشروع فلم تُعْقَدْ ورشة الزّنتان في موعدها كما أنّ مشاركة شباب الشّرق اللّيبي مازالت محتشمة ولكنّ ذلك لم يمنع المبادرة من التّواصل والسّعي لتكريس بدائل ميدانيّة عمليّة فاعلة.
ولكنّ ذلك لم يمنع محمد القرج وهو إعلامي وناشط مدني ينحدر من الزنتان، وأحد المشاركين الذين تم تدريبهم، من القول بأن التّدريبات المنجزة "أقل ما يقال عنها أنها رائعة ولا توصف". وقد روى القرج تجربته في تدوينة عبر حسابه على الفيسبوك : "مشاركة من مختلف المناطق، مختلف الأعراق، مختلف التوجهات مختلف الأفكار، لكن جمعتنا قاعدة شبابية واحدة آمنت أن تركز على ما نتشاركه ونتفق فيه من أفكار ورؤى، بعيدا عن الاختلاف، وطريق التوافق على ما اختلفنا فيه تكون بالحوار والحجج و البرهان".
وإثر الورشات التّي وقع إنجازها، فإنّ غاية أصحاب المشروع قد تحقّقت جزئيّا إثر التّوفّق في تأهيل وتدريب أكثر من 30 شاباً من مختلف المدن الليبية و قد تمّ بعد إدراجهم كمدرّبين.عقب ذلك، بدأت مرحلة تدريب الشّباب بغاية إدماج 200 شاب وشابة من مختلف أنحاء ليبيا في هذا المشروع. ويعوّل المنظّمون على تنظيم ورشات في الزّنتان وطبرق لتجسيد العمق الوفاقي للمشروع حتّى يكون اختتامه في العاصمة طرابلس في ديسمبر 2016 علامة خير لمستقبل ليبيا.
أمّا عن تمويل المشروع، فقد أجاب عبد العالي الطاهر عضو اللجنة الإعلامية :" بكل صراحة تعمدنا عدم التواصل مع الجهات الحكومية، حتى لا يتم تسييس المشروع، لذلك ارتأينا التواصل مع بعض الشركات والرعاة لتمويل الحملة، ولمسنا استجابة كبيرة لدعم مشروعنا، خاصة أنه أطلق في وقت حرج، نظراً لحالة الانقسام السياسي، والقتال في عموم البلاد".
وللتّذكير فإنّ نادي الحوار و المناظرة هو إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تأسست في شهر مارس من عام 2014، كمؤسسة مستقلة تدعو إلي نشر القيم والمبادئ الخاصة بالحوار، وتحثّ على احترام وجهات النظر المختلفة.