لئن تمكنت الحكومة المالية في 2012 بفضل "عملية سرفال" من استرجاع شمال مالي، فإن التهديدات الارهابية تبقى قائمة لتحوم كالغربان في سماء المنطقة. و بالرغم من أنهم أقل حضورا من الماضي، فإن المجموعات الارهابية الموالية لتنظيم القاعدة ما زالوا يهيمنون على العديد من المناطق.
منذ يوم 17 جانفي 2012 تشتعل نيران أزمة حادة في شمال مالي نجم عنها احتلال ثلاثة أقاليم هي تومبكتو و ڨاوو و كيدال من طرف الحركة القومية لتحرير الأزواد و حلفائها. خلال هذه الفترة سقط العديد من رجال الجيش المالي في جبهة القتال و اليوم تعيش أسرهم ممزّقة بين ألم الحِداد و الخوف مما يحمله غدٌ ليس من المؤكّد أن يكون أفضل.
من أجل لقمة العيش، كثير من الفقراء في باماكو أخذوا في جمع الفضلات المنزلية و الصناعية الملقاة في مصبّات العاصمة المالية. هم يبيعون تلك الفضلات فيما بعد لخواصّ أو لشركات تشتغل في معالجة الفضلات مقابل بضع مئات من الفرنكات من عملة المجموعة الإفريقية. صحيح أن هذا العمل يوفّر لتلك الفئة الضعيفة مورد رزق تقتات منه إلاّ أنه محفوف بالمخاطر.
مرّت اتفاقية السلام الموقّعة في 20 جوان بين الحكومة المالية والمجموعات المسلّحة إلى طور الإنجاز. و وقع تنظيم لقاءات اعلامية و تحسيسية حول محتوى هذه الوثيقة لفائدة الأهالي في مختلف أرجاء البلاد نشطت ضمنها نساء كيدال كثيرا لإشعار الأهالي بأهمية هذا الاتفاق.
ولضمان تطبيق هذه الاتفاقية، وقع انشاء لجنة متابعة للسهر على احترام التعهدات الموقع عليها و بالرغم من أن أشغال اللجنة وقع تعليقها في جوان بسبب تمثيلية أعضائها و في أوت بسبب استئناف الصراع بين الفصائل المسلحة بآنفيس، فإن مختلف الأطراف نجحوا أخيرا في التفاهم و تمكنت اللجنة من استئناف نشاطها في 30 سبتمبر المنصرم.
بالرغم من كل الآمال التي يعلّقها الشعب المالي على هيأة الحقيقة و العدالة و المصالحة (CVJR) من أجل إرساء سلم دائمة في البلاد فإن هذه الهيأة تواجه جملة من الضغوطات. فهي ليست فقط تعمل في مجال محدود بل كذلك تتحمل تبعات الاعتراف بالأزواد ككيان مستقل جغرافيا و هو ما يجعل تحقيق أهدافها صعبا جدا. هذا بالإضافة إلى الصعوبات الأمنية التي تعترض المفوّضين أثناء قيامهم بالتحقيقات الميدانية.
تسوّل الأطفال في مالي و تحديدا في باماكو أصبح ظاهرة بالغة الخطورة. فهؤلاء الأطفال يقضون وقتهم في التسوّل عند الأضواء التي تنظّم حركة السير في الطريق و في دور العبادة و بالخصوص أمام النزل.
رغما عن كونهم مطاردين بلا هوادة و معرّضين لمضايقات مستمرة، فإن شبكات التهريب تتمكن من الصمود والاستمرار ، معتمدين في ذلك على تطوير أشكال التخفي التي يستعملونها... فالتهريب نشاط منظم للغاية ينبني منذ الأزل على تواطئ أطراف تتمركز قبل و بعد الحدود مثلما نشاهده بين الجزائر ومالي..
دفعت ضراوة الحرب في سوريا عائلة فاطمة عباس وأسر أخرى الى مغادرة مدينة إدلب السورية في رحلة لجوء طويلة قادتهم من قارة الى قارة. وجدوا أنفسهم في البداية في الخرطوم لقوا ترحيبا لم يكن يتوقعونه كما تقول فاطمة وهو ما دفعهم للمضي بحثا عن فضاءات أرحب لتجد نفسها وعائلتها في مدينة "إن خاليل " الواقعة 700كلم شمال شرق تين بكتو في اقصى شمال مالي بالقرب من الحدود مع الجزائر.
في يوم 15 ماي 2015 تم توقيع اتفاقية سلام بين الحكومة المالية و مختلف الفصائل المسلحة بشمال البلاد و من بينها خاصة تنسيقية حركات الأزواد و مجموعات الدفاع الذاتي بما فيها الطوارق و الأمغاد وحلفاؤهم. و قد خصّص الفصل الثامن من هذا الاتفاق إلى التجميع و الإدماج و نزع السلاح و التسريح و إعادة التأهيل و ذلك دون تحديد رزنامة لكل هذه العمليات. و قد شرعت بعثة الأمم المتحدة من أجل استقرار مالي في نهاية العام الجاري في عمليّة التجميع.
منذ اندلاع أزمة 2012 بشمال مالي ، يشهد قطاع السياحة في تين بكتو و الذي يمثل 80 % من الاقتصاد المحلّي حالة شلل تام حيث أن أصحاب الفنادق و مسؤولي وكالات السياحة و المرشدين السياحيين و كذلك الحرفيين الذين يعيشون أساسا من هذا القطاع أصبحوا يجدون صعوبات جمّة في الحصول على قوت يومهم.