Print this page
20
كانون2/يناير

العصبية القبلية تعرقل تجاوز الفوارق العرقيّة في الزّواج

ينبني المجتمع الصحراوي منذ نشأته على القبلية ككل مجتمع ذي أصول عربية، و رغم التطور و الانفتاح اللذين يعيشهما، إلا أنه ظل محافظا على هذه الخصوصية، و الطبقية القبلية، التي جعلت من قبيلة " لمعلمين" الذين يمتهنون الصناعة التقليدية، خاصة تصميم الحلي من مادة "الفضة" ، يحتلون مرتبة متأخرة جدا في هذا التصنيف..

" حمدي أعمر حداد " شاب في عقده الثالث، من قبيلة "لمعلمين" ينحدر من مدينة العيون، حاصل على الدكتوراه في الحقوق بكلية محمد الخامس بالرباط، و يشتغل متصرفا مركزيا بنفس المدينة، منصبه و تحصيله العلمي لم يقفا حاجزا أمام أن يخضع لتصنيفات المجتمع الصحراوي التي تعتبر " لمعلمين" فئة مجتمعية لا تستطيع الزواج خارج إطارها القبلي، فانحصرت زيجاتهم بينهم، ورغم ما حققه شبابهم اليوم من ثقافة و انفتاح وعطاء علمي، بل و ربما تفوقوا في ذلك على أبناء بعض القبائل الأخرى بالمجتمع المصنفة شريفة الأصل أو "زوايا" (المتفقهين دينيا)، إلا أن العادة السائدة و المتحكمة لليوم تقتضي عدم تزويج بنات القبائل الأخرى منهم.

و قد رد الدكتور "حمدي" الأمر، إلى حداثة الانفتاح العلمي الذي بات يعيشه المجتمع الصحراوي، و قِـدَمِ هذه المعايير المعمول بها، و أضاف أن اندثار مثل هذه الحدود و المرجعيات يتطلب وقتا طويلا قد لا يتحقق بهذا الجيل أو الذي سيليه، لكن سيتحقق يوما بأجيال مثقفة و واعية و ليس شغلها الشاغل السؤال الإشكالي المطروح أينما حللت وأنت تبتغي عروسا وهو" أنت من أي قبيلة و ابن من؟؟".

" عمرانة بيلال" شابة من نفس القبيلة، تبتسم وهي تخبرنا عن اضطرارها لانتظار العريس أن يأتي من خارج حدود الوطن، هو موريتاني الجنسية لكنه ابن العم، فبموريتانيا نفس المرجعية القبلية والثقافية بالصحراء جنوب المغرب. تقول "عمرانة" إن عدم تقدم أحد أبناء عمومتها بالمغرب لخطبتها، جعلها معلقة الحظ إلى أن أتى خاطبها من الجارة موريتانيا، وهكذا حظيت اليوم ببيت و أسرة وإلا لكانت عانت العنوسة كالكثير من الصحراويات تحت وازع الحكم القبلي المتعصب لأبناء العم لا غير !

و للوقوف أكثر على حيثيات و إشكالات الطبقية القبلية بالمجتمع الصحراوي، ربطنا الإتصال بالسيد " عايديد لحبيب" الباحث الاجتماعي و الإطار بوكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، والذي عبر في معرض حديثه عن المساواة التي فرضها الإسلام بين بني البشر فلا فرق بين أبيض ولا أسود، إلا أن المجتمع القائم على القبلية يصعب عليه التخلص من العصبية، التي تجاوزت حد عدم التزويج إلى رفض الإمامة في أحيان كثيرة، فتجد بعض الناس يرفض إمامة البعض الآخر بالمساجد بدعوى أنه أدنى منه مكانة قبلية !